وصف الجنة للشيخ حسن الحسيني

عيون الجنة

Episode Notes

وصف الجنة

الشيخ حسن الحسيني

عيون الجنة

لما كانت النفس البشرية تألف المياه والبساتين والأشجار، وتسكن إليها، فقد زيّن الله جل وعلا الجنة، وألبسها من بهاء الأشجار وعلوّها، وبركة الثمار ونموّها، وجريان الأنهار وسيولها، وعذوبة العيون في أركانها، ما تقرُّ به أعين عِبادِ الله الصالحين، قال تعالى: "إن المتقين في جنات وعيون*ادخلوها بسلام آمنين"، وقد ذكر القرآن أماكن هذه العيون: 1) فهناك عيون في البساتين، قال تعالى: "في جنات وعيون"، 2) وهناك عيونٌ في أماكن الجلوس والمتنزهات، قال تعالى: "في ظلالٍ وعيون"، وما أحسن أن يكون البستان والمجلس تمرًّ به ترع الماء، وتجري فيه الأنهار، وتتفجّر منه العيون! وسبحان الله.. لما أخبر موسى فرعون، ما أعدّه الله لأوليائه في الآخرة، من جنات فيها عيون الماء، وتجري من تحتها الأنهار، ماذا عمل فرعون؟! بنى قصوراً وجعل الأنهار تجري من تحتها، ونادى في قومه: {يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزخرف:51] بئس ما قال فرعون، وشتان بين مقالته، وبين ما أعدَّ الله لأوليائه!/ عيون الجنة مختلفة الطعوم والمشارب، متعددة الاشكال والالوان، فمنها: 1) عين التسنيم: يقال بأنّها عينٌ تجري في الهواء بقدرة الله، فتنصبُّ في آواني أهل الجنة، قال تعالى: "إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ*عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ*تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ*يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ*خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ*وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ"، وعين التسنيم يشربُ منها المقربون، دون غيرهم من أهل الجنة. 2) ومنها عين الزنجبيل: هي عينٌ فيها طعم الزنجبيل، يشرب بها المقربون صرفًا، وتُمزج لسائر أهل الجنة، قال تعالى: "وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا". 3) ومنها عين الكافور: والكافور اسمٌ لسائلٍ طيبِ الرائحة، أبيضِ اللون، تميل إليه النفوس، وعين الكافور: عينٌ يفجرها أهل الجنة تفجيرا، أي يتصرَّفون فيها حيث شاءوا، وأين شاءوا، من قصورهم ودورهم ومجالسهم، والتفجيرُ هو الانباع، أي يقودونها حيث شاءوا، وينتفعون بها كما يشاؤون، ويتبعهم ماؤها إلى كلِّ مكان يتوجهون إليه! سبحان الله.. قال تعالى: "إنَّ الابرار يشربون من كأسٍ كان مزاجها كافورا*عينا يشرب بها عباد الله يفجِّرونها تفجيرا". 4) ومنها عين السلسبيل: سمّيت سلسبيلا لسلاسةِ مَسِيلها، وحِدّةِ جريها، وسلامةِ شرابها، وسهولةِ مساغها، وطيبِ مذاقها، تنبُع من جنة عدن الى أهل الجنة، قال تعالى: "وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً*عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً"./ يا أيّها المشتاق للجنّة.. ما بالك بقومٍ سلكوا طريق النجاة.. وتزودوا بالطاعات، وتركوا المحرّمات، واتقوا ربهم حق التُّقاة.. فأورثهم الله تلك الجنات، تتفجر عيونها كل حين، تارة تُمزج بالكافور، فتكون باردةً طيبة الرائحة، وأخرى تُمزج بالزنجبيل، فتكون حارةً طيبة الرائحة.. فأحسن يا أيّها المشتاق، يُحسنِ الله إليك، وأخلص في سعيك، يَسقيك الله من عيون جنته وشرابها..